الخميس، 5 سبتمبر 2024

إيران مجرد شقائق النعمان

القصر الكبير : مصطفى منيغ

ما دامت أمريكا خففَّت (لدرجات مهما كانت متواضعة) اهتمامها بإيران ، فإن الوضع عاد لكونه بلُّوعَة  قابلة لتصريف المواقف المُصطنعة وفق ما يقتضيه أَوَان ، تُظَاهِرُ به دولة الفُرس أنها في موضوع المواجهة مع إسرائيل (بلا منازع) سيِّدة الميدان ، المتحَكِّمَة عن قُوَّةٍ وتخطيطٍ ومتطلبات الاستعداد الجيِّد عند المناسب مِن الزمان ، مهما صَمَّمت تَنطلقُ بسيلٍ هادرٍ مُفزعٍ قاتل ٍلا توقفه قبَّة حديدية ولا مدمرات أمريكية - انجليزية - فرنسية ولا كثافة طيران ، يطال الزوايا الأربع لجغرافية كمائن أمكنة جَمعتهم طهران ، مهما تباعدت عن بعضها من حيث المكان ، تُعَدُّ أذرعها الملبية أيضا لإطلاق ما ادخرته هناك (دفعة واحدة) من قنابلها المدمِّرَة بأعدادٍ جنونية أكان من العراق أو سوريا أو اليمن فجنوب لبنان ، لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك حسب تقارير مخابراتية إسرائيلية أمريكية مصرية أردنية متجمّعة ملفاتها الثمينة المعلومات الحُبلَى بالمفاجآت على  طاولة سيّد البيت الأبيض تبعث على الاطمئنان ، بل وتشجيع حكومة إسرائيل على معالجة  ما ينتظرها من قلاقل أكثرها حدة مخلفات  الإضراب العام الذي نظمته النقابات العمالية ضد عرقلة نتنياهو أي صفقة لانقاد ما تَبقَّى من أسرى إسرائيليين وأمريكان ، محتجزين لدى حماس  المهددين أصبحوا بأسوأ امتحان ، النجاة باطلاق سراحهم أو الموت إن باعهم نتنياهو للهلاك المحتوم بالمجان ، ليضيف  لمشاكل حكمه الداخلية ما يجسّد الضغط بثقل أطنان ، وبالتالي عساه يتفرَّغ (والفضل لموقف إيران) لتحريك آخر مبتكراته لإطفاء غضب الإسرائيليين بتسخير ما كَان ، مُرشَّحاً للانفجار في الضفة الغربية بعودة المقاومة وما حَصَلَ في "طول كرم" سوى المُقدمة لما ستلتهمه النيران ، عسى المضربين يتدبَّرون خطورة تفكُّك الوحدة الإسرائيلية في هذه الظروف التي ستُعَز فيها دولة الصهاينة أو قطعاً (كما هو مُقرَّر آجلاً أو عاجلاً)  سُتُهَان ، وبهذا يتَّضح أَرادت إيران أم أبَت التحجُّج بعللٍ أضحت هي الأخرى مكشوفة للعيان ، أن مصيرها مرهون بالتعامل مع إسرائيل بما يُبقيها خَطراً على الأخيرة وسَنَداً لتصرُّفها أكان اتجاه الفلسطينيين أو بعض دولِ عالم عربي لا يُؤتَمَن على موقف دائم تستغله إسرائيل في الأقصى كالعادة  بإتقان ، مادامت هناك مؤشرات قد تقلب في لحظة دون حسبان ، ما بَنَت عليه إسرائيل تقديراتيها بالتحايل تارة ومرات بالبهتان ، خاصة ما أصبحَ متداولاً في الأردن  بكون الهوة تزداد اتساعاً بين طلب الشعب كسر حاجز الاتفاقية المشؤومة المبرمة بين الأردن الرسمية والكيان الصهيوني المحسوبة كلعبة صبيان ، و الملك عبد الله الثاني الذي لا زال متمسِّكاً ببنودها حرفياً دون زيادة أو نقصان  ، عن توصية قويَّة الدلالات  نهائية في كُنهِها نَصاً ومَضموناً وعهد شجعان ، مِن طرف المملكة المتحدة الإنجليزية وما لها من فضائل على التاج الأردني لا ينكرها (حسب زعمها) أي إنسان ، ممَّا يجعل الملك في وضعية صعبة بين كفتي كماشة متوتِّر الانشغال قليل الحيلة حيران ، وجهاً لوجه أمام  إسرائيل والمملكة المتحدة مِن زاوية والشعب الأردني من أخرى ولا يدري الفرار إلى أين ؟؟؟.

... إيران في مجمل ما سبق ذِكره تخشَى أن تكون ضحيَّة سياسة اعتمدتها المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية والمملكة المغربية تحتِّم الكثير من ضبط الخطوات والسير على أي اتجاه بحذر وشديد إمعان ، تلك السياسة القائمة على محاربة إيران إسرائيل نيابة عنهم بطريقة دهاء عجيب الأبعاد تفرح الطرف العربي وتملأ المصير الإيراني بالأحزان ، لتقع طهران  دون شك في المخطط الأمريكي الغربي المُؤسَّس على تفتيت مقامات تلك الأذرع التي حافظت إيران على توسيع نفوذها منذ سنوات لتصبح فارضة للوجود الإيراني في المنطقة بأسلوب يضايق الولايات المتحدة الأمريكية ويوقف زحف نفوذها على امتداد مراحل قادمة  إن تُرِك الحال على حاله الحالي أو تحداه للأصعب تجاوزه مع مرور الزمن .

.... وما النعمان سوى اسم من أسماء الدم والزهرة المعروفة لحمرتها شقيقته تتخللها نقط سوداء تجسد عمائم بعص حكام إيران ، الذين اعتقدوا أنهم قادرون على طمس حقائق متناسين أن اقتحام الموساد لأكثر عقولهم دهاء جعلتهم كتاباً مفتوحاً قرأه أكبر عدد من المتتبِّعين حتَّى الآن ، فليبحثوا عن حقولٍ أخرى غير الليبية أو الجزائرية أو التابعة لأراضي السودان ، وأن يدركوا أن معركةَ طوفانِ الأقصَى إن جعلوها مناسبة لقضاء مأربهم الضانين خطأ أنها غير مُعلنة  ستصلهم كأصعب وأفتك فيضان .

مصطفى منيغ

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا.

    سفير السلام العالمي

 

أوراق من جزيرة الورَّاق

 

                   أوراق من جزيرة الورَّاق

القصر الكبير : مصطفى منيغ

أصداءُ أنينٍ تبثُّها استغاثة مصريين تُفتِّتُ صلابة الحَجَر، رغم المَنع تتناقلها أصدق الأخبَار ، مُعزَّزة بالمُلتقَطة مباشرة من مختلف المواقع عبر المدن الرئيسية ذاك الزخم من الصُّوَر ، العاكسة جلّ مجالات الحياة وهي وبشكل سريع تتدَهوَر ، خِلاف ما تثيره إدِّعاءات الرسميين الفاقدين مقاييس الحوَار ، كلما إستفسرهم المهتمون بمعرفة أدقِّ الحقائقِ عمَّن جَرّ ، أم الدنيا لتبدو هكذا بِنْتاَ يتيمةً لها بلا حاسة سَمْعٍ مُتوفِّرة لأولياء أمْرِها  وفي الطريق وقريباً  هم لفقدان حتى البَصَر ، تَقَع على عواتقهم مسؤولية ما آلَت إليه مُبدعة الحضارة الإنسانية مِمَّن حَضَرَ ، كزمانٍ لِما مضَى مِن تعبِ القرون في البناء على شكل مَن غادَرَ بعدما غَدَر ، تاركاً مَن يبيع الأصول رخيصة لإفراغ المجد المصري من شعاعٍ طالما  شَرَّفَ جموع البشَر ، كلما مَكَثَ مُتربٍّعاً عرش حكمِ مصر لجيوب مَن يشاركه محيط نفوذه عمَّر، ولا خير في من يَذُوقُ مرارة الحرمان والشقاء  والظلم والجور والحيف والانبطاح المُذلِّ السَّاحِبِ شَرَفَ أدميةِ بني آدم فاسْتَكَان لا تَحَرَّك لإنْقاذِ نفسه أو ثار . يَصِلُ الصُّراخ رسائل استنجادٍ غير مسبوق من غالبية الشعب المصري الذي عهدناه إذا طلب دبَّرَ وأمَر ، حينما كانت طليعته نساء ورجال مِن مختلف الطبقات الاجتماعية والأعْمَار ، لا يهابون حِفاظاَ على كرامتهم أي محسوب على الدكتاتورية العقيمة أو أعْتَى وأظلَم جَبَّار ، الوحدة في محبة مصر جامعتهم والعِلم النافع رائدهم في زعامتهم لمواجهة الأحداث أحتار في بسالتهم وإقدامهم مَن أحتار ، فلا تزداد أرض الكنانة بوجودهم إلا الإجلال لمقامها ولمواقفها النيِّرة الإكْبار ، لتنقلب الآية رأساً على عقب كهزبر اختبأ مُرتجفاً داخل غار ، حاولت إرجاء إسرائيل سبب ذلك لكن "غزة" عجَّلت بالإشعار ، لتتغطَّى مصر الرسميَّةَّ بتدخُّلِ حفنة مِن العسكر ،  لخادمة مهما أمرها "نتنياهو" لزمَت موقفها المُخزي مِن ذاك المَمَر ، ممزقة اتفاقية "كامب ديفد " كما يصنع كل مغلوبٍ على أمره يرضَى بأي جدَار ، دقَّت إسرائيل في أي موقع فيه المسمَار ، ليعلِّق الجيش  المصري الجَرَّار ، إفلاسه المُطلق كمؤسسة عسكرية لا يشق لها غبَار ، إلى مزاحمة تُجار الأسواق العشوائية البئيسة في بيع الخُضَر ، لا تتَّعظ بما فات وما سيلحق من واضحات العِبر ، لذا تسرَّبَّ اليأس لكيان دولة ولازمها الإحباط حتى تذوبَ ذوبان ملح ذاك الحمار ، الذي استطاع الانتقام من سيده حينما حمَّله ما لا يطيق بالمرور في نهر خرج منه بلا ملح ليعلم مَن أراد أنَّ الحاجَةَ في التغيير تسخر أنجع الأفكار ، المساهمة مباشرة في وضع حد لأي تلاعب أو استهتار ، بعظمة شعب كالمصري حفظه الله ونصره وشمله بما شمل به عباده الأخيار ، بالتأكيد اللوم لا يوجه للرئيس السيسي وحده إن أردنا لمَّ الموضوع بما قد يستحق من اختصار ، ولكن اللوم القوي المعاني  والمفاهيم موجه يكون للذين اتخذوه إلاها فرعونياً كسبوا من ورائه ما خفَّ حمله وثقُلت قيمته كما ظهَر ، على زوجته وابنته المزينتان باللؤلؤ وفصوص جوهر ، مَن رآهما أوَّلَ مرَّةٍ انبَهَر ، مِن بذخ ما كان الرئيس ليلحقه وذويه لولا ما يتوصَّل به من خلف نفس السِّتار ، لا يهم الوسائل فصناديق جمع الأموال مِن كثرتها لا يعلم الشعب المصري مسمَّياتها وما تلعبه من أدوَار ، كصندوق "تحيا مصر" الذي أصبحَ بغير المُقرًّر كقرَار ، "يحيا السيسي" التارك معظم الأسَر ، لا تتذوَّق مِن غير " الفول المُدَمَّسْ" لا لحم ولا "كُشَرِي" ولا أيّ صنف من الثمار .، ليعتلي جل وجوه أفرادها مِن سوء التغذية شحوب الاصفرَار.

... قد تمثِّل جزيرة الورَّاق تلك الوثبة المباركة فوق حاجز الصمت المبطَّن بالخوف مادام فقدان الحياة أهون من العيش تحت رحمة عار العَار ، لقد أراد الرئيس السيسي تعطيل كل القوانين وما تحميه من حقوق الإنسان ليداوم على نفس الاستمرار ، الضارب فيه ذاك بهذا حتى يحقِّق لذاته ما اختَار ، امتلاك الكلمة والصوت والحكم وما يطمح فيه هو الآخر ، بيع المصريين وقد جار عليهم كبِئْس الدهروبكل ناقصة لفَّ حاضرهم ودَار ، حتى يشملَ من شملهم أحقر منظَر ، وامرأة منهم تعرض أحد أبنائها أنثى أو ذكَر ، تعويضاً لحصانة نفسها من عدو الجوع الذي اجتاح عددا لا يُحصَى من الديار ، هل كانت مصر في حاجة لتلك البنايات محطَّ تسائلٍ في حاجة لتقديم السيسي نفسه للمساءلة  كمتَّهم لتبذير أموال الشعب الأكبَر ؟؟؟ ، وهل كانت القروض لتشييد مثل القصور الباهظة التكاليف حلاً لإخراج مصر من ويلات أشباح مصائب كثَّر السيسي تراكمها لتبلغ حداً لا ينفع معه صبر أو انتظار ، غير الغرق في مديونية أصبحت مصر بوقعها مرهونة لكبار المصارف الدولية كالصغَار، بل سهلة التبعية لمن لجمها بما لا زال في طي الكتمان كأسرار الأسرار . قد تكون وقائع جزيرة الورّاق عنصراً مهما من عناصر حصار ، يوقف الرئيس السيسي كأكبر مَن ألْحَقَ مصر لجسيم أضرار ، أقلها بلا هيبة ولا مكانة سياسية ولا قيمة معنوية مهما اتجهت إسرائيل لتمزيق أوصالها لن تجد حيالها سوى الامتثال للأوامر كأول وأخر اختيار .

... لنا اليقين أن الشعب المصري أكبر من سياسة السيسي القائمة على تدمير الوطن المصري ببطء كألذِّ عدو عرفته منذ نشأتها أسوأ دمار .

مصطفى منيغ

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا.

    سفير السلام العالمي

https://mounirhcom.blogspot.com

212770222634

الجمعة، 30 أغسطس 2024

إيران لن تحارب الآن

 

إيران لن تحارب الآن

القصر الكبير : مصطفى منيغ

تبيَّن لحكماء إيران  المسؤولين على إبقائها كيانا  له وجود إقليمي يُحْسَب له ما يُحسَب  لدى دولٍ بعينها كالولايات المتحدة الأمريكية التي ترى فيها الخطر الدائم المتصاعد على مصالحها ومنها حماية إسرائيل ، حكماء يتمتعون بنفوذ لا يمكن تجاوزه لاعتراف حكام ذاك البلد وعلى رأسهم المُرشد العام الرابط ما يصدر عنه من فتأوي بمباركتهم ما داموا الواضعين الأساسيين لاستراتيجيات ملتزمة إيران بتطبيق خططها حرفياً ، حكماء لا هم بمجلس استشاري محدود التدخل ولا حكومة ظل  ولا عناصر استطاعت المخابرات محلية كانت أو دوليه أن تحدد هويتهم الشخصية للتعامل معهم وفق ما يقتضيه تدخل ذوي  المصلحة لاستغلالهم بأي شكل من الأشكال أو إزاحتهم من الطريق، خامنيئي الوحيد المؤتمن على أسرارهم ، المدافعين على استمراره في منصبه القيادي الأسمى ذاك أو إبعاده . حكماء أقروا أن إيران ليست قادرة ،  بالرغم مما تملكه حتى الآن من قدرات مادية ، لخوض حرب مجهولة التوقيت الزمني طويلاً سيكون أو يتَخطى ذاك الطول لأجل غير مُسمّى ، وعدم ضبط نوعية الأسلحة المستخدمة لا محالة في مواجهة لن تكون لا كمًّا ولا كَيفاً متعادلة ، إذ مع الولايات المتحدة بعد إسرائيل هناك دول تُعدّ محور الحلف الأطلسي ، بما تتوفر عليه من جيوش نظامية لا يستهان بها ، إضافة لمشاركة (مهما كانت النسبة على أرضية المعركة) لبلاد عربية مصلحتها في انهيار الدولة الفارسية بأي ثمن ، أو تحييد أخرى كسلطنة عمان ومعظم أنظمة المغرب العربي دون تحديد موقف الجزائر من القضية برمتها لأسباب سنأتي على ذكرها مستقبلا ، انطلاقاً ممَّا ذُكر ، ماذا يبقى لإيران غير التوصل ببعض صواريخ من طرف باكستان ، أو التزود بقسط من خبرة روسيا  في الميدان ، وهذا كله بلغة منطق  الحرب إن نشبت ، يجعل إيران تفقد ما لديها على اندفاعٍ ليس أوانه ولا زمنه ولا إمكانات مقارنة بما ستواجهه ، لهذا التجأ هؤلاء الحكماء لتسخير مناوشات اذرع مسلَّحة تابعة لإيران تُشغل إسرائيل ومَن يُساندها لأطول عهدٍ ممكن ، حتى تتهيَّأ بربح المزيد من مؤيديها كالصين وكوريا الشمالية .

... كان على مثل الأذرع الإيرانية التسليح والتمويل الكلي وليس الجزئي ، إيجاد علة تبني على مقتضاها تلك المناوشات العنيفة أحياناً المكلفة الولايات المتحدة وإسرائيل تصدُّعاً مؤثرا لحد ما ، فلم تجد غير القضية الفلسطينية وما أحدثته معركة طوفان الأقصى من وسيلة قد تمكن بتحقيق انتباه العالم لمشروعية مطالبة الفلسطينيين بنهاية احتلال إسرائيل لأرضهم . فأرادت استغلالها استغلالاً يضمن التأييد المطلق للشعوب  العربية ، وفي ذلك انتصار ضمني لمخطط حكماء إيران ، الذين لا يهمهم في المقام الأول لا العرب السنة ومصير ما يطلقون عليها أم القضايا العربية ، الشيء الوحيد الذي ابتدعوا من أجله عمليات الإسناد لغزة المقاوِمة ، إشغال أمريكا وحليفتها إسرائيل في حرب غير نظامية ، قائمة على النيل من المذكورتين بأسلوب ، وأن كان موجعاً لا يحدِّد الغالب من المغلوب ، بل يطيل الصراع لاستنزاف ما تقدر إيران على استنزافه كما يتطلَّب ذلك إنجاح برنامجها النووي القادرة به التربُّع على طول وعرض منطقة النفوذ الأمريكي في السر ق الأوسط .    

 مصطفى منيغ

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا.

سفير السلام العالمي

الأربعاء، 28 أغسطس 2024

أحزاب آخرها حساب

 

أحزاب آخرها حساب


القصر الكبير : مصطفى منيغ

أحزاب وُجُود بعضها أحسن منه عَدَمُها ، تكابر مند سنين طويلة من تأسيسها ، للبقاء ولو ضمن آخر الذيل قبل رحيلها ، لم تعد لها واجهة لعرض ما تبقى من سلعة برنامجها ، المُرَقَّع بألف وَعْدٍ ووعد من نتاج خيالها ، ولا أعضاء يستحملون البعض من أمنائها ، الذين عايشوا الحرب العالمية ألثانية ليصلوا ما يجري الآن في غزة لا يحسنون حتى الحديث عنها ، بالأحرى الوقوف ولو سياسيا كأضعف الإيمان لتأييدها ، فقد شاخ عقلهم مع دَعْمٍ ليبعدهم عن اختصاص سياسة الأحزاب بما لها وما عليها ، ليصبحوا قدوة اندماج اللاديمقراطية مع ميوعة حرية فقدت كنه حريتها ، مسخرة مغطاة بعدم تطبيق قانون الأحزاب لأسباب كامنة في مكوثها ، صورة لواقع حالة في مجال مضاف لتعقيدها ، صمت الوزارة الوصية العالمة بمثل الأحزاب المعنية وأسرارها ، صمت لا مبرر له سوى الإذعان في عرقلة المسيرة الحقيقية لأحزاب قائمة لها مصداقيتها ، طالما رفعت نداءاتها لتصفية جو الساحة السياسية الحزبية حتى تباشر مسؤولياتها ، كما يتمنى الشعب المغربي العظيم حفظه الله ونصره بإبعاد بعض أحزاب  عن بعض أمناء عامين فقدوا الشرعية (لبقائهم أمناء مدى الحياة) بكاملها.

هناك أحزاب تعد تطلعا مشرفا لمستقبل الحركة السياسية الحزبية بالمغرب لها ايجابياتها ، بأمناء عامين هم من الشباب الواعين أن التطور في المجال عنوانه احترام القوانين ذات الارتباط والعمل بما هو منصوص في فصولها ، مع ابتكار ما يفسح المجال لمن أراد الانضمام تحت لوائها ، كأعضاء لهم الحق المطلق لمعرفة كل صغيره وكبيرة تحصل داخلها ، وفي مقدمة المقدمات الإطلاع على التدبير المالي لمداخليها الرسمية كمصاريفها المُتًّفق عليها . من هده الأحزاب حزب التقيت بأمينه العام الدكتور الشاب الأستاذ الجامعي خالد ألبقالي في مدينة فاس وأجريت معه الحوار التالي : 

سؤال مصطفى منيغ :

لما الانتساب الحزبي ، ولما اختيارك تحديدا للحزب الديمقراطي الوطني ؟ بماذا يمتاز هذا الحزب عن الأحزاب الأخرى ؟.

جواب الأمين العام :

الحزب الديمقراطي الوطني ليس جديدا ، وإنما هو استمرار للحزب الوطني الديمقراطي الذي تأسس في بداية الثمانينات وحصل على عدد مهم من المقاعد في البرلمان إضافة إلى مشاركته في التدبير الحكومي ، لذلك فان الحزب الديمقراطي الوطني مستمر على خطه الاديولوجي والسياسي ، ويمتلك مقاربة دقيقة ومرنة لتدبير القضايا والإشكاليات طبعا في تفاعل مع التطورات الإقليمية والدولية .

سؤال مصطفى منيغ :

أهناك برنامج للحزب تناضلون من أجل تحقيقه ، إن كان هناك ما هي خطوطه العريضة ؟ .

الحزب الديمقراطي الوطني ملتزم ببرنامجه السياسي ومرجعيته الليبرالية الاجتماعية ، ولكن في تمفصل مع التوجهات الإستراتيجية الكبرى للدولة ، فالحزب الديمقراطي الوطني له تصور في تدبير إشكالية التنمية في المغرب ، ينسجم مع روح خلاصات الحوار الوطني لإعداد التراب الوطني ، و المخططات الإستراتيجية القطاعية ،  لكن الحزب ، وإدراكا منه ان هذه التوجهات الكبرى للبلاد تستوجب عمليات إجرائية في مجالات ترابية محددة ، يتبنى الحزب المقاربة الترابية والتشاركية ، لذلك فهو يرتكز على مفهوم القرب ، ليس فقط في عمليات التدخل والتأطير ، ولكن أيضا كأداة منهجية قي يد الحزب ، لفهم وتفسير القضايا محليا .

سؤال مصطفى منيغ :

كيف تنظرون إلى عملكم السياسي الحزبي مستقبلا وهل لكم رؤية في الموضوع ؟، وإن كنتم على انسجام مع الحكومة أم العكس هو الصحيح ؟.

الحكومة لها مشروعية وتعبير عن إرادة الناخبين ، لا يمكن أن ننكر مجهودات الحكومة في عدة قطاعات ، ولكن لدينا وجهات نظر مختلفة في تدبير عدة إشكاليات ،  يمكن أن نعطي في هذا الصدد مثال إشكالية الماء ، فالحزب لديه تصور ينسجم مع المقاربة الترابية تتقاطع فيه الأبعاد الاقتصادية (خاصة الفلاحة)، والأبعاد البيئية (وضعية المغرب في نطاق شبه جاف، ومخزون الفرشة المائية الباطنية)،بمعنى يمكن تفعيل مخطط المغرب الأخضر ( الجيل الأخضر)ولكن باعتماد التنطيق والتحكم في نوع الزراعة من خلال آلية الدعم .

       مصطفى منيغ

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا.

سفير السلام العالمي

في تطوان حسن أحسنه إحسان / الجزء الثالث

 

في تطوان حسن أحسنه إحسان / الجزء الثالث

القصر الكبير : مصطفى منيغ

أجَابَت : أنا دجاجَة متَى ذُبِحَت رقصت  لكَ لتُخَفِّفَ عنها الألم لآخر نفس قبل رحيلها وإلى الأبد ، أنا حمامَة متَى نُزِعَ ريشها وجدتكَ راعياً كما أوصاكَ بالمحتاجين دين أحمد ، أنا امرأة مِن بين الأخريات أتعس متَى نَفَرَ منها القوم أنتَ قابِلها دون أحَد ، أنا إنسانة إلى حين قبل عرضها على حفرة مغطاة بلحد ، أنا جسد مسكونُ بسقمٍ لا دواء له المُصابَة به مِثلي لا تَرى إلا السواد ، فجئتُ قاذفة ما تبقَّى مِن عُمري على امتدادِ تحمُّلِكَ أيها القويُّ المتَجلِّد الأشَد ، عَشِقَكَ عقلي وتعلَّق بكَ قلبي لأيامٍ أو شهورٍ لا فرق بَعْدَهَا بُعْدٌ أبْعَد بِعاد ، لا مناص مِن تحمُّلِ ما يحفره شقاء ملفوفاً سيصبح في ذكرى تُنزِل الدموع على خَد ، طالما سأقبِّلُه  لتنْحَثَ شفتاي على بشرتِهِ حنيناً لا يَتَبدَّد ، يَرْوِي لمن ستلمسه بَعْدِي هنا سَكَنَ حُبّ امرأة مع الأيام مِن غيرِ وجودها يتجدَّد ، أنا "سين" ابنة الغنيّ المسكين الذائع التجارة مِن تطوان إلى مدريد إلى الصين حرمَهُ من عافيتي الحَيّ الصَمَد ، ما نفعتْه ثروته كلها مِن إعادة بسمة الشّفَاءِ لثَغْرِي فيَسْعَد ، ولمَّا يَئِسَ خيَّرني بأيّ ما في الدنيا أرغب ولو كان ذاك الأسَد ، الذي أُعْجِبْتُ به أثناء رحلة صيد رافقته مِن خلالها لأدغال إفريقيا تابعة لأغرب بلَد ، فاخترتُ صرفَ ما تبقَّى مِن حَقِّ في الحياة معكَ فوقَ رأسِكَ تحتَ قدَمَيْكَ المهم مهما أَمْرُكَ لي امْتَد .

... مسكتني مِن يدي لنتوجَّه صوب سيارة فتح السائق بابها الخلفي لنركبها معاً وننطلق لغاية مدخل بيت شُيِّدَ على مسافة من تطوان ، مُحاطاً بالخضرة من كل جانب محروساً جيِّداً مُتمتِّعاً ، في وحدته تلك ، بوقارٍ وسمعة طيِّبة كما تبيَّن لي بعد ذلك ، فُسِحَ لنا العبور والابتسامات تزيِّن وجوه مستقبلينا مِن سيدات لابسات زَياً موحَّداً يغلب عليه الأبيض الشَّديد البياض ، ومتى وصلنا لقلب البيت التُّحفة بما احتواه من أفرشةٍ تُبهر البصر بتنوُّع ألوانها ، وكأنَّ المساحةَ يُظلِّلها قوس قُزح ، تقدمت والدة (سين) لتعانقني وكأنها تستقبل عزيزاً عليها غاب عنها مدة ، مرحبة بي بأسلوبٍ تخيَّلتُ معه أنني أحلم حُلماً وردياً يتمنى أي محروم مِن تلك المناظر الشاغلة الخواطر بِعِدَّةِ تَهيُّؤات مِن الصَّعب تصديقها للوهلة الأولى ، لتُجلسني بجوارها على أريكة تتأرجح من تلقائها كلما تحرَّك أحدنا أو مال لأخذِ قطعة حلوى المرتَّب منها أطباق تَرْوِي للجائع انعدام مائدة هارون الرشيد من معظمها شكلاً وطُعماً ، أو لتناول كوباً من أكواب تُظهِر ما بداخلها ينادي العطشان أن يتذوق بلسم إطفاء حِرمانٍ سَكَنَ محيطه مِن زمان لا يتذكر بدايته ، أريكة معدة لمن ابتسمت الدنيا لجلساتهم فوقها لتدبير واردات ملايين استثمروها للاستيلاء عما يتوفَّر لدى النُّكساء المُقبلين على شراء أي ملفوفة بغلافٍ يبرق مِن الخارج مهما تضمَّن داخله من مادة عادية ، أريكة تخاطب العياء أن يرحلَ ومتَى عاد ندم عن عدم ارتمائه (مثل الذي انسلخ عنه قهراً) في حضنها ليخسر خاصيته التي أضافت لعيائه عياء المتدمِّرين من ثقل حسّه . سألت عن (سين) فجاء الرَّد من والدتها بمثابة قشعريرة خفيفة شعرتُ بها تسري في مجمل جسدي تعمل على استيقاظي من سبات غيَّبَ عقلي للحظات متأثراً في انسياقه لعالم أُقحِمَ كصاحبه داخله دون معارضة ولو سطحية يبديها ، قد تكون صدمة الانبهار مَنَ تآمَرَت لتُقَيِّدَ أي مبادة للمقارنة بين الواقع المألوف عندي وما وَقَعَ ممَّن لم يكن مُتوقعاً وُقُوعه أصلاً وبسرعة لا يحصرها عَدَّاد أو يتحكَّم في اندفاعها منطق ، بل هو انقلاب مَكَّنَ الأسفل ليتربَّعَ الأعلَى منه بغتة دون عناء ، جاء رَدّ الوالدة أن ابنتها (سين) انصرفَت مِن برهة لتتفقَّد الترتيبات التي أمرت بإلحاقها داخل مقرّ إقامتكما بالبيت المُلحق لبيتنا هذا ، متمنية أن يناسب ذوقكَ وتشعر أنه مِن مقامك الطيب وشهامتكَ المَضْروب بها المَثل ، حَسَبَ ما بلَّغَني به زوجي والد (سين)، الذي اهتمَّ بالسؤال عنك لدرجة أنه اتصل بشقيقك السيد عبد السلام الضابط رئيس مصلحة الجمارك بمدينة مرتيل ، وأطلعه عن سيرتك منذ وُلِدْت وإلى الآن ، وأيضا التقرير المفصَّل المنقول عن ملفِّك الأمني المعزز بشهادة حسن السيرة والسلوك ، إضافة لما تعرفه عنك السلطة المحلية ومنها السيد الباشا ، أنك وإن تبدو عصبيّ السمات ميالاً تكون للتعبير عما يخطر على بالكَ يجانب قناعتكَ دون خوفٍ من أحد ، إلا أنك من محبي وطنك وعشاق تطوان المرموقين ، طيِّب القلب حكيم التصرُّف دبلوماسي في مناقشاتك ومنها السياسية . فكن على يقين يا عزيزي مصطفى (استرسلت في حديثها إلي بنبرة جدية ليكون المُصَرَّح به مفعم بأدب جم ، صادر عن امرأة قوية قادرة على إبلاغ ما قرَّرته على انفرادٍ مُسبقاً بأسلوب لطيف ميَّالٍ لاحترام المُخاطَب العاقل ، الراغب في ربح ثقتها بما يضمن كل عوامل السلامة وراحة البال إلى أن أوقفتها مُنهياً صمتي عازماً إسماع صوتي لأوضح موقفي عسى تسترد هذه الأم صواب تصرف يأخذ الأمور ثابتة على قواعد مفهومة خالية من الشكوك أو الخروج عن النص ، المضبوط بتفاهم واضح يوازي بين التخطيط وأرضية الانجاز لأقول لها :) سيدتي الفاضلة أكاد لا أصدِّق ما تعرَّضتُ له حتى الساعة ، ويكفيني ثقة في نفسي أنني أجد الكلمات المناسبة لأجعلك ومن معك تفهمين أنني إنسان لا يهمه ما يرى من مظاهر البذخ المفرط أو ما يسمع من كلام معسول ، بل ما يتمشى مع قناعاته المستمدة كقرارات من مبادئ مُكتسبة بعد نضال مرير خضته شخصيا ضد أصناف من خدام الشر ، الحاملين الباطل في مخيِّخِهم بمقابل يتوصلون به بعدما باعوا شرفهم لمن هم أبشع منهم جشعاً ، لا أحد يرفض النِّعمة لكنها مَنْ سقطت حَبْلاً تطوق عنقه لينساق كالخروف لمذبحة المجهول أنا رافض لها بتاتاً ، مهما كانت لن ينفعها عقلي ولن يرتاح لها مهما حاولت بالي ، إنني يا سيدتي من طينة غير طينتكم ، أنا من بيئة قانعة بمصيرها وتجتهد لتحسين موقعها في الحلال ، نتجنًّب المشبوه ولا نشارك الأكل مِن طَبَقٍ مُذَهَّبٍ أصحابه مهما ابدوا من سمات الكرم في تواضع مثالي ،  لن ينزلوا لمستوانا إلأ في حالة احتياجهم لخدماتنا ، وحتى لا أزعجك بحديثي الجاف هذا ، أو ما يتلوه من جرأة لن تقدرين على استحمالها ، أرجوك أن تأذنين لي بالانصراف لحال سبيلي ، فأنا لا زلت طالباً في السنة النهائية للتعليم الثانوي ، من ورائي امتحان أحسبه باباً يُفْتَح أماني إن اجتزته بنجاح ، أو يُقْفَل في وجهي وأنا لن أستحمل مثل الفشل  بل أتمنى أن يبتعد عن طريقي

...  وإن كنا على نفس الأريكة العجيبة جالسان اقتربت مني أزيَدَ من قبل ومسكت بيدي طالبة أن أحملق في عينيها لأقرأ حسن نية مشاعرها نحوي ، وهي تصدقني القول بلغة مبطنة برجاء ينبعث من حنجرة تنفي عن نفسها اصطناع مخارج استثنائية فقط المخلوقة معها ، لتخاطبني وعيناها يكاد الدمع ينفجر منهما لولا ما تبذله المرأة من مجهود حتى لا يحجب البلل بريقهما النافذ لأحاسيس إنسان مثلي أبعده الحياء عن رفض الوضعية والصبر معها للنهاية . قالت : عزيزي مصطفى لستُ والدة (سين) فقط زوجة والدها ، أمها اسبانية افترق عنها زوجي وهي لا تزال في سنتها الأولى ، بالتأكيد اعتبرتها ولا زلتُ مثل ابنتي ، مِن مدَّة أصيبت بمرض آخر كلمة سمعناها من أطباء إسبان في مدريد ، معروفين في اختصاصهم ، أن مصيرها محسوم لم يبق من عمرها سوى قليل يعلمه خالقها سبحانه وتعالى ، ومنذ عودتنا للمغرب عامة ومدينة تطوان خاصة ووالها غارق في بحر من الدموع لأنه أحبها حباً لا أعتقد أن أباً أحبَّ مثله ابنته ، لقد أصبح رجلاً آخر يعيش حياته مرتبطا لحظة بلحة بحياة ابنته ملبياً كل طلباتها مهما كانت ، ذات مساء عادت فرحة سعيدة من الثانوية التي التحقت بها كأخر مرة لتُخبر المدينة بتوقفها النهائي عن الدراسة ، وهناك قابلتكً فحكت ما جرى على والهدا دون ترك أي جزئية وأخيراً طلبت منه أن يبحث عنك ويبارك ارتباطها بكَ لأخر لحظة في حياتها ، فأرجوك عزيزي مصطفى أن لا تحرم إنسانة بريئة من رفقتك تحت أي مسمى تريده . وهنا انحنت لتقبيل يدي وتغسلها بدموع لم أقدر على مسحها حتى مصتها سخونة بشرة ظهر كفي الأيمن لأرفع رأسها وابتسم في محياها ابتسامة ساهمت في إشعال شمعتي خديها فاسحة المجال لثغرها كي يتبسم بدوره على شكل المحقِّقة صاحبة الشأن المراد كله دفعة واحدة .(يتبع)

       مصطفى منيغ

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا.

سفير السلام العالمي

الاثنين، 26 أغسطس 2024

في تطوان حسن أحسنه إحسان / الجزء الثاني

في تطوان حسن أحسنه إحسان / الجزء الثاني

القصر الكبير : مصطفى منيغ

لكُلٍّ حَدّه مِن التَّصديق إلاّ مخاطبة المجهول بغير لغة ولا إشارات إنما هي نظرة ثابتة مًسلَّطة على أيِّ شيء واللاشيء وصمت يمسح كل الأصوات ليصل التعجب للأعماق مُستفسراَ بدون سؤال ، عسَى الرَّد مِن اي جانبٍ بأي خيال ، يزيح الحيرة وينْأَى بالغموض ليصل العقل الرَّزين غير المُدلَّل ، وبين وظائفه يجد واحدة تزيح هذا المهموم بمقاصد جمل ، حملتها رسالة لتحوِّل مجرَى حياته مِن انغماس في النضال السياسي النقابي إلى الغوص بلا مقدمات في نضال الأحاسيس فارضة حاجتها للمتع المشروعة المانحة الوجود قيمة تُحَسُّ ممَّن طَرَقَ المُنَبِّهُ الطبيعي فكره المتفتِّح على المستقبل ، الذي يريده بل يختاره على مقاسه  ولا يُكْتَسَبُ عن ذكاءٍ أو دهاءٍ او معرفةٍ عارفة بإمساك الحق كحق وليس منحة من احد البشر مهما حنَّ أو عَطَفَ أو اتَّخذَها وسيلة سياسية يخرُجُ منها كاسباً ناجحاً منتصراً مهما عايشَ مِن ظروف أو تبدَّلت على مصالحه الذاتية الأحوال .

... مَنْ تكون تلك الفتاة لأكون سيِّدها الظاهر وعبدها الخفي المنساق بعاطفة انثى تتحكَّم في مخارج إبداعات شبكة تصطاد الاهتمام المناسب لترويضه على هواها بنصف معاني لأوامر غير منطوقة بل مجرد تلميحات تقود بوصلة الاتجاه عكس ما دأب عليه المغناطيس ليصبح شمالها شرقها طوعاً أو كرهاً ما دامت الثقة في النفس تجعل من الجماد يتحرَّك كرُؤية لا يستسيغها المنطق وتقلق البال ؟؟؟. من تكون التي ضيَّعت عليَّ الاستفادة مِن حصص ثلاثة دروس قيمة  اللغة العربية عن طريق الأستاذ "الحاج الصُّرْدُو" والفلسفة عن طريق الأستاذ "محمد المرابط "القادم من القاهرة ليُعَيّن في نفس الثانوية (La Escuela Politecnica De         Tetuan ) "المسماه حاليا بثانوية جابر بن حيان" والعلوم الطبيعية بواسطة الاسبانية الأستاذة (Ana ) ، كنت أحملق فيهم تارة فيظنُّون أنني منسجم مع شروحاتهم والحقيقة أن عقلي رفعني لعلوٍ من رأفَته عليَّ أنه أنزلني بلطف ورفق علَى رنين جرسِ الانصراف وإلاَّ لوقعتُ فأكون محطَّ استفسار يقودني لحرجِ عدم قدرتي على الإجابة . عهدتُ نفسي وسط تجربة  ما كان الخوض في مكنونها مهما كان يخطر على بالي في هذا التوقيت المرتبط أساساً ببداية تسلق سلم التكوين الإجباري لمواجهة الغد بما يستحق من معدات معرفية تهندسُ اختراق أدغال ظروف ما كانت مبشرة بالخير ، حينما انفردت الإدارة المركزية بتدبير شؤون العاصمة وما جاورها بما في دلك قطب فاس مكناس تدبيرا يناسب  مدخل الاهتمام المطلوب ، تاركة الشمال ليبتكر اعتماداً على نفسه ما يبقيه طافياً على يَمِّ المشاكل محتاطاً مِن الغرق في فاقة تجتاح الطبقات القروية كالحضرية ، ممَّا انفرد الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بقيادة الزعيم المهدي بنبركة معارضاً بشراسة كي يثير الاهتمام أنَّ الشمالَ جُزءٌ لا يتجزَّأ من المغرب وعليه أن يحظى بما حظيت به بعض المناطق ولو أقل أهمية منه ، لكن لا حياة لمن تنادي ، فالمخزن أختار التعنُّت وشدَّد على استعمالِ العصا ضد مَن عصى لا فرق في ذلك بين امرأة أو رجل فكلاهما من تربية الملقب "بأبي رقعة" (المحتل الاسباني) ممَّا جعل الشماليين يشعرون أنهم مصنفين كدرجة ثانية ، الشيء الذي ساهم في إشعال فتيل الكثير من التوترات والقلاقل ، التاركة رسمها البيِّن وخاصة في مدينة القصر الكبير وبعدها العرائش لتصل شرارة الغضب لغاية الحسيمة . طبعا كنتُ من المشار إليهم بأصابع الملاحقة للانتقام ممَّا أقمناه من جدار نضالي مكثف الأعضاء المضحين ليعلو صوت العزيزة تطوان فوق أصوات الراغبين في ادراج انبطاحها ضمن قائمة المقيدين بالصمت وعدم الحركة والقناعة بالمقذوف إليهم من فُتات موائد بعض زعماء نفس المخزن في الدار البيضاء والرباط وفأس ، العامرة بمن نَسبوا حصول استقلال المغرب ورجوع الملك محمد الخامس من منفاه في مدغشقر لأنفسهم لا غير ، متجاهلين جهاد وتضحيات نساء ورجال الشمال الجاعلين من تطوان شاهدة انطلاقهم على طريق مناشدة التحرير بأي ثمن ، لكن الزمن كشَّاف حينما برزت الحقائق على لسان المقاومين ورجال التحرير الحقيقيين "كبلميلودي" و"عبد القادر المِيخْ" مِن مدينة "الخْمِيسَاتْ" وغيرهما كثير ، المعترفين بتضحيات الشمال عامة والتطوانيين خاصة ، المساهمين مساهمة عجَّلت بحصول المغرب على استقلاله ولو جاء استقلالاً منقوصاً ، وذاك موضوع مِن الواجب تسليط الأضواء الكاشفة على تفاصيل أسراره .

...جاء اليوم التالي مُحمَّلاً بهواجس الموضوع الشاغل كياني بما لم يقدر أي آخر إخضاعي بالمرة إليه متصوراً كما استطعت ملامح تلك الفتاة إتباعا لتعابير رسالتها المُلغمة بأكثر من قذيفة المحاطة بلغز ما استطعت فك شَفرته المسطر بحبر لم يصل أي جهاز في المخابرات على ملاءمته بأي حروف لأية كلمة من كلمات لغة حية ، وكلما دَنَا التوقيت المضروب ازداد قلقي ، وأخيراً دقَّت الساعة السادسة بالثانية .

... ما أن اخترقتُ ممرّ "عشعاش" لأصل موقع اللقاء حيث الموعد ،  وجدتها مركّزِة الاهتمام على استعجال خطوات الواثق صاحبها من نفسه ، مهما كانت مقبلة في ختام مصيرها على فرح مقدر أو قرح لا مفر منه . لم أكن أتوقَّع أن فتاة ثانوية خديجة أم المؤمنين على هذه الدرجة من القدرة على تغيير ذاتها  ، من طالبة مرتعشة فزعاً ، إلى فاتنة منشرحة تحاكي شروق ضياء بعد طول غَسَق . طبعاً تأكَّدتُ أنها نفسها ، مغلَّفة بهندام لا ترتديه مَن افترس قَدَّها إمْلاق ، او أحال بينها ومُتَع الدنيا أي اشتياق ، بل مَن كانت متربِّعة عائلتها على ثراءٍ حقيقي وليس موصوفاً كإنشاء مسطَّر فىق ورق  ، كلما دنوتُ منها أحسستُ إن عالمي المزدحم بصور التوتُّر والجري لمساعدات الآخرين وملحقات  القلق ، على مناضلين مِن شراسة ما يتعرَّضون له داخل أقسام الشرطة ، دفاعاً عن توجهات أفكار يرونها الحلّ لِما تحياه تطوان مِن أحوال يُرثَى لها ومعها الشمال المغربي قاطبة . رأيت برؤية تلك الفتاة عالما يتبدَّل في رمشة عين الي هدوء فاسترخاء على شواطئ الحياة ذي الرمال الحريريَّة الناعمة ، المالكة كل أسباب الراحة والاستطاعة الميسورة السهلة للحصول على ما تهواه ، ليس مجسَّداً في الخيال ، وإنما حقيقة تُلْمَسُ وتُمزَجُ روحياً في لحظات وصالٍ تقصُر مهما طالت ، اذ إطفاء لوعة الاشتياق ، فيروس العُشَّاق ، عائقه الأكبر مرور الوقت بسرعة البَرق . رأيت فيها عالَم ، الرجل فيه مهيأ خلال مُقتطع من العمر  لا يُعَوَّض ، ليقوم بواجبه مشيداً مصيره بيده ، وليس اعتماداً على أيادي يخدم أصحابها ، لتمدَّه باجرة يكدح معها ليكتشف أن أوانه ضاع لتقبُّل التفاهات ليحصل على درجة من التفاهة أتفه ، الرجل الذي يختار بالعقل ، ليقينه أن نفسه المتحكِّم فيها ، ما دام خالقه المصوِّر البارع الخَلْق يعزِّز به حصانتها ما لزمت الفانية ، لحكمة حكيمة متحكِّمة في امتدادها وقتاً مُحدَّداً بأقل جزء من ثانية ، او بتوقف العد الزمني وكفى تعبيرا ، لتعود حيث تستقرّ ليفعل بها الحي القيوم ذو الجلال والإكرام ما يشاء ، الرجل المُعتني بنفسه منذ مرحلة تمييزه بين الخير والشر ، مفكراً في مصلحته متحملاً مسؤوليات تصرفاته المُحاسَب منفرداً عليها ، ولن يؤخَذ بأوزار احد ولو كان من اقرب المقربين إليه ، أن يحتضنَ مَن أوجدها الله غطاءا له يتقلَّب معها على الذات مشاعر تنمو وظائفها متلاحمة بين وصفة "حب" أولها حرف "حاء" كحياة وحاجة وحرية وحرام وحلال وحرارة وحماس وحيرة وحاسة وحمد ،وكلمات يصعب حصرها معناها في عمقها ، المرتبطة قطعاً بأسرار تتجلَّى تدريجياً مكوِّنة إدراك إنسانية الإنسان ، المميَّز عن باقي الكائنات ، وحرف "باء" كباب وباس وبرق وبرد وبحر وبستان وبداية ، وغير الميسور جمعه من كلمات ، تجعل المتمعِّن في كنهها يلمس حِسياً الغاية من وجوده ، وفي ذلك امتطاء المعرفة المُسبقة لذات البشرية المُبحرة دون ريب داخل امتن زورق ، ومع الدرج النهائي شعرتُ بصدر أنثى يصطدم بصدري محدثاً تياراً يلج لخلايا الكرويات البيض كالحمر لتتعانقا مقلدتان ما جَرَى وينطلقان داخل شرايين كل منا في رقصة يحرص على ضبط إيقاعها القلب بخفقان لا يبرع فيه إلا بحصول ما فوق النشوة بما لا نعت ينطبق عليها سوى السعادة في ذروتها القصوى ، تخبر الإنسان بحلاوة لحظات من الواجب الالتصاق بها لأطول مدة ممكنة ، لأنها غير دائمة التكرار ، مندرجة في المرات الأولى ، وبعدها الذكريات لكن ببرودة تتكيف مع مرور الوقت لتصل إلى علامة فارقة يُؤَرَّخُ بها لاستحضار واقع جد مؤلم راحل من المستحيل أن يعود ، اصطدام في طُعم البهجة بعد طول غياب تَذَوُّقِ مفعولها  المحتاج لتحقيقه شروط أصعب من الصعوبة توفير أقلها بالنسبة لطالب مثلي يعتزم ترجمة إرادته بالنقش على صخر الظروف بتفاؤل لا يكلف شيئا سلاحه الصبر ، اصطدام بمد ذراعين للف عنقي ، في ليونة الليونة نفسها ، مصبوغتين بالحليب ، مُعطَّرتين بشذى ورود تطوان الغالية ، ومَن على حيد الطريق المقابل من رقباء أوقفهم المنظر غير المألوف مشدوهين مثلي ، لأسأل الفتاة مَن أنت ؟؟؟ .  وتجيب : (يتبع)

       مصطفى منيغ

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا.

سفير السلام العالمي

 

الثلاثاء، 20 أغسطس 2024

في تطوان حُسْنٌ أحسنه إحسان

 

             في تطوان حُسْنٌ أحسنه إحسان


القصر الكبير : مصطفى منيغ

هناك  داخل تطوان الحُسْنُ خَبَّأَ سِرَّه عمَّن يحيا بين القوم عادِياً وأحياناً مَغْموراً ، كلَّمَّا أحَسَّ بدنو مَن لا يستحقّ اكتشافه خَبَا نوره حتى إن مَرَّ المَعْنِي مِن قُدَّامِه تعامَت عنه الأحاسيس وأكمل اتجاهه سائِراً ، حُسْنٌ يُضيف لمَن يرَى الشجرة ولا ورقة منها يقطف أو وردة مثقلة بقطرات النَّدَي ولا يُسارِع لإفراغِ ما لا يستطيع ساقها بحمله أن يقف بالحيويَّة عامِراً ، حُسْنٌ في قوَّة البرقِ الخاطف يتقدَّم سقوط غيثٍ يزيح مِن عُسْرِ الجفاف ما للزرع الجديد به خائف مِن مصير بلا نمو  تاركاً البلبل يلحِّن زقزقته للفرح عازفاً مُبَلِّغاً بما يُطَمْئِن النفوس وبموسم خيرٍ مبشِّراً  ، حُسْنُ يحترم مَن يبدأ باحترام نفسه بغير أن يكلٍّفها ما لا تطيق فحبَّة القمح يتفرَّع عنها ما تحمله السنبلة مِن حبات مشابهة شكلاً ومضموناً وليس عدداً لدَى المزارعين دون الرجوع إلى الخالق سبحانه وتعالى بالضبط مذكوراً ، الأمر مرتبط بنوعية الأرض ومدى قابليتها لحمل مثل المحصول العمود الفقري لإطعام الإنسان متقدماً في نطوّره الفكري العقائدي أو متأخراً ، الحُسنُ كامِن في مثل المسيرة مهما كان التركيز تُحسّ بوجوده ضياء يفسح السبيل لادراك الأقوم بما لا يجعل اجتيازه عسيراً ، حُسنٌ في الصداقة الحقيقية المبنية على الوفاء ومقاسمة ما حلله الباري العالم بما يخفَى في الصدور مهما كان أدقّ مِن دقة الشعور بأنَّ هناك حساب بين طياته تفسيراً ، صادِق يشمل النوايا وكل تصرف وقتها في إمام عظيم مُسطَّر تسطيراً.

... حُسنٌ تنبَّهتُ إليه في فتاة تركض قاصدة ثانوية خديجة أم المؤمنين تأخرت بعض الوقت عن الموعد المضروب الذي تُغلق بعده باب المؤسسة بأسلوبٍ لأعصاب الملاحظين مُثيراً ، الفتاة سمعتُها لاهثة تتوسَّل  الحارسة بطريقة تُظهِر أنها صاحبة تربية رفيعة وخُلُقٍ لا يُعلَى عليه مُقَدَّر تقديراً ، وتلك المرأة تجيبها وكأنها حارسة إسطبل وليس مؤسسة تعليمية جد محترمة لا على صعيد تطوان وحسب  وإنما على مستوى الشمال مدَبَّر شأنها أنسب تدبير أكان برنامج تعليم أو محافظة على التربية التطوانية الخاصة بالجنس اللطيف جوهراً ومظهرا ،  حيت تمادت في صراخها لدرجة أفزعت تلك الفتاة الرقيقة فزعاً أسال دموعها سيلانا غزيرا ، تقدَّمتُ ودفعتُ الباب الحديدي ومسكتُ يد الفتاة وأدخلتها لتلتحق بفصلها ولم ينته الأمر إلى ذاك الحد بل اتصلتُ بالمديرة وقدمت لها نفسي كرئيس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب فرع الشمال لأبلغها احتجاجاً رسمياً عن تصرفات حارسة الباب تلك التي منحت لنفسها الحق في توزيع الشتائم والكلمات النابية على بنات الأسر الكريمة ليكون ختام الموضوع  قرار استبدال ذات الحارسة اتخذته المديرة لما تحقَّقت من صدق ادعاءاتي عن طريق شهود استمعت لتصريحاتهم عما وقع بالضبط اختصارا .

... مرّت الأيام رتيبة غير نازعة رداء الملل عن آفاقها المتجهّمة علياؤها بما يتلبد فيها كل مساء من غيوم تغيب مع الدقائق الأولى لعودة فجر جديد ، يعين مَن يحسب طلعاته المفكِّر مثلي في مغادرة مسؤولية تمثيل الطلبة من كثرة تكالب عناصر الأمن للتنغيص علىَّ حياتي ، حينما عَلِمت وحاكمها يقيناً أنني من المقربين رغم حداثة سنِّي للزعيم المهدي بنبركة ، وخاصة في الجلسة الأخيرة التي جمعتني وثلة من مناضلي الإتحاد الوطني لطلبة المغرب مع "محمد عزيمان" نائب وزير التعليم بإقليم تطوان وطلبه الانفراد بي بعد نهاية الاجتماع ليبلغني أنه اتَّفق وعامل إقليم (محافظ محافظة) تطوان "اليعقوبي بنعمرو" أن تُحدَّدَ إقامتي في نزلٍ وليس داخل داخلية المؤسسة التعليمية بما فيها القاضي عياض ، حتى ابتَعِدَ ما أمكن عن جماعة تحاول استغلال جرأتي في إقامة شغب لا فائدة منه أصلاً ، فكرت و بلغت بي الحكمة أن أجرِّب خاصة وامتحان أول باكلوريا في عهد الاستقلال على الأبواب  وأنا في حاجة لاجتيازها رفقة الثمانية من الطلية  الذين ضمتهم السنة النهائية للتعليم الثانوي شعبة العلوم التجريبية في مؤسسة ( Escuela Politecnica fe Tetuan  ) حاليا "جابر بن حيان".

بعد يومين واجهني وأنا ألج الثانوية الأستاذ "الجُحرة" المكلف بسكرتارية المدير الأستاذ "محمد الخطيب" ، وأعطاني اغرب رسالة توصلت بها في حياتي ، وأنا داخل القسم فتحتها لأقرأ فيها بالحرف الواحد ما يلي : يُمكنكَ أن تعارضَ في مقابلتي ، ما دُمتُ لا أعرِضُ عليكَ نفسي بل أضعها أمانة بين يديكَ لآخر نَفَسٍ استنشقُه ممزوجاً برائحتكَ أنهي  معه حياتي . سأجعلك أسعد سيد ، وأنا خادمتك ليس كالعبيد ، بل تطوانية حرة مجرد وجودك بجانبها كل يوم هو لك بمثابة عيد ، سأتفرَّغ ما تبقَّى لي من عمر لأرافقكَ حيث شئت َإلى ما شئتَ ووقتما شئتَ لا يمنع رغبتينا عائق ولا يحدّ من تحرُّك إرادتينا لأي اتجاه قَيد ، أنا وأنت في واحد . على السادسة مساء غداً أمام سينما "إسبانيول ستجدني مهيأة لاستقبالك بكل تأكيد . (يتبع)

       مصطفى منيغ

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا.

سفير السلام العالمي

الأحد، 18 أغسطس 2024

أحزاب سياسية وراء الباب منسية

 

            أحزاب سياسية وراء الباب منسية

القصر الكبير : مصطفى منيغ

منها مَن وصلت لرئاسة الحكومة كالحالية ، ومنها منذ تأسيسها وهي مجرَّد دُمْيَة ، يلعب بوجودها أطفال النظام من أجل غاية ، يكبرون معها فتصبح مجرَّدة من فحواها كديكور تتباها به أغرب ديمقراطية حزبية محلية ، ومنها المحترمة السائرة على مبادئها المحصنة عبر مراحل احتياطا من كل سوء نية ، ومنها المجمعة مؤسساتها الصورية في شخص أمين عام يرى الحزب بقرة حلوب تزوده بالعيش على قفا ميزانية وزارة الداخلية من جراء ما يقسمه على شهور السنة من دعم عمومي على رواتب شهرية شخصية ، فهو الأمين العام والمؤتمر  الوطني والمجلس الوطني والمكتب  السياسي وكل المنظمات الموازية ، من هذه العاهة هناك أكثر من واحد نزولا لعيونهم العسلية ، تتجاوز وزارة الداخلية عيوبهم المسجلة عندها بالحجج والدلائل الكافية ، لكنها لا تحرك ساكنا مؤجلة الفاعل ( ربما) ليوم موعود لا شك في وصوله لتطبيق التصدي المشروع لمثل الانحرافات بالوسائل القانونية . هناك أحزاب واثقة من عملها كمؤطرة مؤهلة للمواطنين عامة فاتحة أبوابها لاستقبال طالبي العضوية ، ومنها غالقة هذه الأبواب محافظة على المنتسبين اليها من سنين تقضي بهم متطلبات المرحلة الانتخابية . فسيفساء من شبه أحزاب الغرض منها التشويش على الساحة الحزبية ، الحقيقية القائمة مع ذلك بواجباتها المنصوص على فقراتها في قانون الأحزاب السياسية الوطنية ، بالتأكيد هناك من يطالي باصلاح هذا المحور المرتبط أساسا بتسيير الشأن العام الو طني الذي صراحة علقت به طفيليات أضحت  بما عمرَّت دون فائدة تذكر اللهم تحقيق  إبعاد الشعب في مجمله عن الثقة فيها الجزئية أو الكلية ، مهما اتخذت من وسائل الظهور بعقد مؤتمرات لا أساس لها من الشروط القانونية ولو في الخد الأدنى البعيد عن السياسة السفسطائية . هذا لا يعنى أن الحقل ميؤوس منه ، إذ هناك من الأطر أكانوا من النساء أو الرجال على قدر من الكفاءة يساهمون من خلال انتسابهم لبعض الأحزاب في تنشيط ما يجب تنشيطه وفي هذه المرحلة والمغرب يحيا تحديات المفروض أن يواجهها بالعناصر المطلوبة ومنها الحزبية . من هؤلاء الأطر اتصلنا بالأستاذ معاد فاروق  منسق إقليم (محافظة) سطات لإجراء الحوار التالي :

 سؤال مصطفى منيغ : لما الانتساب الحزبي ولما اختيارك تحديدًا حزب الأمل؟ بماذا يمتاز هذا الحزب عن الآخرين؟ 

جواب المنسق الإقليمي :  إن الاشتغال في الحقل السياسي من حيث الممارسة لا يمكن أن يكون بمعزل عن الانتماء والانخراط في تنظيم يضمن توافق القناعات الخاصة والعامة، وعليه فالانتساب الحزبي بالنسبة لي لم يكن خيارًا عشوائيًا، بل هو نتاج اقتناع راسخ بأن العمل السياسي المنظم هو السبيل الأنجع لخدمة الصالح العام والمساهمة في تطوير المجتمع، إذ من خلال الانتساب لحزب سياسي، يصبح من الممكن تحويل الأفكار والرؤى إلى برامج عملية قابلة للتنفيذ، وهو ما يتيح للفرد أن يكون جزءًا من عملية التغيير بدلًا من أن يكون مجرد مراقب للأحداث. ومن خلال اهتمامي وتتبعي للمشهد السياسي المغربي والقيام بجرد دقيق لمختلف الأحزاب السياسية والاطلاع على أهدافها وبرامجها الحزبية المتشابهة أغلبها، وجدت اختلافا في حزب الأمل على وجه التحديد على مستوى التوجه العام لأنه يتوافق مع قيمي ومبادئي، حيث يمتاز الحزب بالتزامه اللامشروط في العديد من المحاور المهتمة بقضايا العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد، وتعزيز الشفافية في العمل الحكومي، وما يميز أيضا حزب الأمل عن الأحزاب الأخرى هو تركيزه الكبير على دعم فئة الشباب رغبة منه في إعطاءهم حيز كبير من الاهتمام والعمل على تمكينهم من المشاركة الفعالة في الحياة السياسية، كما أن الحزب يمكن أن يساهم في إعادة الثقة للمواطن المغربي من خلال اعتماد شعار: المصداقية أساسيا، مع العلم أن هذا المعطى تنادي بها كل الأحزاب في حملاتها الانتخابية وشعاراتها، ولكن بالنسبة لحزب الأمل يهتم بالمصداقية من حيث العمق الدلالي سعيا في ترسيخ المصداقية كسلوك حضاري من أجل إقلاع حقيقي وكذا بناء مجتمع تسوده كل القيم النبيلة، كما أن الحزب يضع أهمية قصوى على الابتكار في الحلول السياسية والاجتماعية، وعلى الإصغاء لمشاكل المواطنين والعمل على حلها بطريقة شفافة وفعالة، إضافة إلى المرجعية الايديولوجية المتبنية لنسق حداثي ليبرالي وسطي اجتماعي وعمله على دعم المملكة الدستورية الديمقراطية البرلمانية الاجتماعية، وكذا تعزيز الاختيار الديمقراطي وفق مرجعيات المملكة واحترام مقدساتها وتوابثها، ثم لا أنس الفلسفة الحكيمة التي يعتمدها الأمين العام السيد محمد باني ولد بركة من حيث التواضع والمسؤولية وإيمانه القوي بالطاقات والتحفيز والدعم المعنوي وتوسيع مساحة التواصل والتفاعل الإيجابي مع المنتسبين للحزب مما أعطاني شحنة قوية للانخراط كليا فيه عن قناعة واقتناع والعمل على بلورة كل الأفكار التي من شأنها المساهمة في تحقيق الإشعاع والتقدم وتواجد الحزب في الصفوف الأمامية وبصفة مشرفة في المشهد السياسي المغربي.

سؤال مصطفى منيغ : أهناك برنامج للحزب تناضلون من أجل تحقيقه؟ إن كان هناك، ما هي خطوطه العريضة؟ 

 جواب المنسق الإقليمي : صحيح أن حزب الأمل ليس من الأحزاب الأكثر تواجدا وطنيا أو تمثيلية في البرلمان ولكنه يسعى جاهدا لصنع موقع متميز في المشهد السياسي بفضل مناضليه الأوفياء وبكل تأكيد، لديه برنامج طموح وواقعي نسعى جاهدين لتحقيقه. هذا البرنامج يتناول قضايا محورية تهم المجتمع المغربي بأسره، وينطلق من رؤية شاملة لتطوير البلاد على المدى الطويل ومن بين الخطوط العريضة لهذا البرنامج: 1/ العدالة الاجتماعية: نعمل على تقليص الفوارق الاجتماعية من خلال تحسين ظروف المعيشة لكافة فئات المجتمع، خاصة الفئات المهمشة. نركز على خلق فرص عمل مستدامة، وتوفير التعليم والرعاية الصحية للجميع، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر توازنًا واستقرارًا. 2/ الحكامة الرشيدة: نؤمن بأن الشفافية والمساءلة هي أساس العمل الحكومي الفعال. لذلك، نسعى إلى تعزيز آليات المراقبة والتقييم، وتفعيل دور مؤسسات الرقابة لتضمن نزاهة وفعالية السياسات العامة. 3/ التنمية المحلية والمستدامة: نحن ملتزمون بتقوية دور الجماعات الترابية عبر تمكينها من الموارد اللازمة لتنفيذ مشاريع تنموية تخدم سكانها، كما شجع على اعتماد مشاريع تنموية محلية ومجالية تستجيب لحاجيات كل منطقة، مع توفير الدعم الفني والتقني واللوجيستيكي والمالي اللازمين لهذه المشاريع التنموية. 4/ لشباب والمشاركة السياسية: نضع الشباب في قلب اهتماماتنا، ونعمل على خلق برامج تدريبية وتكوينية تهدف إلى تعزيز قدراتهم القيادية وإشراكهم بفعالية في الحياة السياسية. نؤمن أن تمكين الشباب هو مفتاح المستقبل. 5/ مواكبة قضايا المرأة : الاهتمام بمختلف الانشغالات النسائية على مستويات عدة: *المستوى السياسي: الرفع من عدد النساء في مواقع القرار والمسؤولية داخل المؤسسات التمثيلية وكذا تفعيل التمييز الايجابي وإدماج مقاربة النوع. *المستوى الاقتصادي: العمل على إلغاء كل الفوارق بين المرأة والرجل في الأجور. *المستوى الاجتماعي: محاربة العنف ضد النساء ونبذ كل أشكال التمييز. 6/ العناية بقضايا العالم القروي : الاهتمام من حيث برامج ومشاريع تعنى بتوفير البنيات التحتية والمسالك والطرقات والكهربة القروية وقطاع الماء والصحة.

سؤال مصطفى منيغ : كيف تنظرون إلى العمل السياسي الحزبي المغربي مستقبلا وهل لكم رؤية في الموضوع؟

جواب المنسق الإقليمي : كما هو معلوم أن المغرب منذ الاستقلال اختار تبني التعددية السياسية كأساس لكل بناء ديمقراطي وأن مسلسل الديمقراطية بالمغرب تساهم فيه الدولة والأحزاب على حد سواء، هذه الأخيرة التي من المفروض أن تنهج القطيعة معالمشروعية التاريخية” من خلال صناعة الزعماء السياسيين المتشبثين بكراسيهم القيادية والمؤمنين بقدسية قراراتهم والرافضين لكل انتقاد أو معارضة، الشيء الذي يساهم تأخير الانتقال الديمقراطي، الذي استنزفت فيه الأحزاب زمنها السياسي ومكتسباتها النضالية منذ حكومة التناوب والحكومات المتعاقبة. وفي نظري الشخصي، مستقبل العمل السياسي الحزبي في المغرب رهين لتفعيل المقتضيات الدستورية من خلال بتجديد على عدة مستويات. أولًا، ينبغي التركيز على بناء الثقة بين الأحزاب السياسية والمواطنين. هذه الثقة لن تتحقق إلا إذا كانت الأحزاب قادرة على تقديم خطاب سياسي صادق، واقعي، وملامس لتطلعات المواطن الذي يلعب دورا مهما في اللعبة السياسية وتحديد معالمها من خلال قدرته على التأثير في الخريطة السياسية، لذا بات من الضروري على الأحزاب تنزيل مقتضيات الدستور المتعلقة بالممارسة السياسية وكذا أجرأة العديد من التوصيات والملاحظات والتوجيهات الواردة في الخطابات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده الموجهة في إطار تقييم أداء الأحزاب، التي يجب عليها أيضا العمل على تجديد هياكلها التنظيمية وإتاحة المجال أمام الشباب والنساء للمشاركة الفعالة وتعزيز مكانتها من خلال مواقع ومسؤوليات للمساهمة في صنع القرار ، كما أن مستقبل العمل السياسي يعتمد على قدرة الأحزاب على التكيف مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وعلى مدى قدرتها على الابتكار في طرح الحلول والسياسات. وفي هذا السياق تبقى رؤيتي للعمل الحزبي المستقبلي تتمثل بالأساس في تعزيز الشراكة بين مختلف الفاعلين والفرقاء السياسيين والاجتماعيين، بما في ذلك المجتمع المدني والقطاع الخاص، لخلق منظومة متكاملة تعمل من أجل التنمية الشاملة، كما أرى أهمية كبيرة في تعزيز ثقافة الحوار المتبادل والتواصل المستمر بين الأحزاب والمواطنين، لضمان أن تكون البرامج السياسية نابعة من احتياجات حقيقية، وليست مجرد شعارات انتخابية. وأخيرًا، أعتقد أن النجاح في المستقبل يعتمد على مدى قدرة الأحزاب على الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية لتحسين أدائها وتوسيع قاعدة مشاركتها، فالتحول الرقمي يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في تقريب المواطن من العمل السياسي، وتوفير قنوات جديدة للتواصل من أجل المشاركة الفعلية في الحياة السياسية. في الختام، أشكر لكم هذه الفرصة الثمينة للتعبير عن رؤيتي وآرائي.  تقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير.

 

مصطفى منيغ

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا.

سفير السلام العالمي

aladalamm@yahoo.fr

https://mounirhcom.blogspot.com

212770222634

الصورة : معاد فاروق المنسق الإقليمي لحزب الأمل على اقليم سطات

إيران مجرد شقائق النعمان القصر الكبير : مصطفى منيغ ما دامت أمريكا خففَّت (لدرجات مهما كانت متواضعة) اهتمامها بإيران ، فإن الوضع عاد لك...